تُعد اليابان واحدة من أكبر اقتصادات العالم، لكن تحدياتها المستمرة في مجالات الكوارث الطبيعية، الشيخوخة السكانية، وعدم استقرار سلاسل الإمداد تجبر الشركات على تكثيف استراتيجياتها لضمان المرونة. حيث يُنسب إلى مثل ياباني قديم "سقط سبع مرات، وقف ثمانية" تعبير عن روح الصمود التي تتحلى بها البلاد في مواجهة مخاطر عديدة.
الكوارث الطبيعية: التحدي الأبرز
تعتبر اليابان من أكثر البلدان عرضة للكوارث الطبيعية بسبب موقعها الجغرافي، حيث تشهد نحو 1500 زلزال سنوياً، بالإضافة إلى تهديدات التسونامي والأعاصير. وقد أدى ذلك إلى تبني استراتيجيات وقائية من الكوارث الطبيعية، حيث تركز الشركات على تعزيز جاهزيتها لمواجهة هذه المخاطر.
وأشار كي ماسوياما، مدير إدارة إدارة المخاطر في شركة ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة، إلى تراجع قدرة السوق المحلي على تأمين الممتلكات ضد الكوارث الطبيعية في المناطق الساحلية التي تضم العديد من المنشآت الصناعية الهامة. وتقوم بعض الشركات باستثمار مبالغ كبيرة في تدابير لتقليل الخسائر المتعلقة بالمياه، في الوقت الذي تسعى فيه للحصول على دعم حكومي لمواجهة الكوارث غير المتوقعة.
الشيخوخة السكانية ونقص العمالة
تواجه اليابان أزمة ديموغرافية حادة، حيث يمثل كبار السن (65 سنة فما فوق) نحو 30% من السكان. وبسبب هذا التحول السكاني، تعاني البلاد من نقص في اليد العاملة، لا سيما في الصناعات التي تعتمد على المهارات العالية مثل التصنيع والبناء.
من جانبه، قال ماسوياما إن الحفاظ على قوة عمل ماهرة وخبرة فنية يعد أمرًا أساسيًا لضمان جودة المنتج وتسليمها في الوقت المحدد. ولذلك، تتجه العديد من الشركات اليابانية نحو الأتمتة والذكاء الاصطناعي لتعزيز الإنتاجية. كما تتبنى بعض الشركات برامج تقاعد تدريجية وإعادة تدريب الموظفين الأكبر سنًا للحفاظ على الخبرات.
اعتماد على سلاسل الإمداد العالمية
تعتبر اليابان، باعتبارها دولة صناعية كبرى، مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بسلاسل الإمداد العالمية، ما يجعلها عرضة للتوترات الجيوسياسية. ومن بين أبرز المخاطر التي تواجهها، الاعتماد على استيراد أشباه الموصلات والقلق بشأن أمن الطاقة.
تعمل العديد من الشركات اليابانية على تنويع عملائها ومورديها لتقليل المخاطر الجيوسياسية. وفي مواجهة تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، قامت الحكومة اليابانية بتشجيع الشركات على إعادة التصنيع المحلي وتقليل الاعتماد على الموردين ذوي المصدر الواحد من خلال تبني استراتيجية "الصين+1".
مخاطر الأمن السيبراني
تعتبر التهديدات الأمنية السيبرانية من المخاطر المتزايدة في اليابان، حيث يشعر البعض أن اليابان متأخرة في تعزيز قوتها الدفاعية الإلكترونية. في هذا السياق، تعمل الشركات على تعزيز استعداداتها السيبرانية عبر اعتماد أطر أمان "الثقة الصفرية" وتطوير بروتوكولات تشفير البيانات، إضافة إلى الاستثمار في التأمين ضد المخاطر السيبرانية.
خلاصة
القدرة على التكيف مع المخاطر المتداخلة التي تشمل الكوارث الطبيعية، التحديات الديموغرافية، والتوترات الجيوسياسية ستحدد قدرة اليابان على الصمود في المستقبل. هذه التحديات تقدم دروساً هامة للشركات في جميع أنحاء العالم بشأن كيفية إدارة المخاطر بشكل فعال.
تعليقات الزوار