في ظل تصاعد التحولات السياسية والاقتصادية على الساحة الدولية، حذّر تقرير دولي جديد من أن المخاطر الجيوسياسية باتت تمثل تهديداً ملموساً لخطط واستراتيجيات الشركات العالمية، مؤكداً أن عام 2025 سيشهد تصاعدًا في هذه التحديات، بما يتطلب من قادة الأعمال اعتماد نهج استباقي لتحويل المخاطر إلى فرص.
التقرير الصادر عن مؤسسة متخصصة في تحليل المخاطر العالمية، أشار إلى أن الاضطرابات الجيوسياسية لم تعد مجرد سيناريوهات نظرية، بل باتت تؤثر بشكل مباشر على القرارات التشغيلية والاستثمارية للشركات.
خمس مخاطر رئيسية تهدد الأعمال في 2025
بحسب التقرير، تم تحديد خمسة اتجاهات جيوسياسية كبرى من المتوقع أن تؤثر بعمق على بيئة الأعمال العالمية خلال الأشهر المقبلة:
تحولات في موازين القوى الاقتصادية والتجارية:
تشهد خريطة التجارة والاستثمار العالمي تغيرات سريعة، في ظل صعود محاور اقتصادية جديدة خارج الأطر التقليدية، مع تصاعد سياسات الحماية التجارية وخاصة من جانب الولايات المتحدة، ما يدفع إلى ردود انتقامية من شركاء تجاريين آخرين.
أنظمة تنظيمية وضريبية غير متجانسة:
تتسارع التشريعات التنظيمية والضريبية بشكل غير متوازن بين الدول، حيث يتجه البعض نحو اعتماد ضرائب عالمية موحدة، بينما تنسحب دول أخرى من الاتفاقيات الضريبية المتعددة الأطراف، مما يزيد من تعقيد الامتثال القانوني للشركات.
صراع تكنولوجي عالمي مسيّس:
أصبحت التكنولوجيا، لاسيما الذكاء الاصطناعي، ساحة تنافس بين القوى الكبرى، مع صعود لاعبين جدد من خارج الهيمنة الأمريكية التقليدية. كما يواجه المنظمون صعوبات في مواكبة سرعة الابتكار، ما يثير مخاوف من خروج بعض التقنيات عن السيطرة.
تهديدات متزايدة لسلاسل الإمداد والبنية التحتية:
الحروب، الأزمات المناخية، الهجمات السيبرانية، وتضييق الخناق على نقاط الشحن البحرية الحيوية، كلها عوامل تهدد استقرار سلاسل الإمداد العالمية. كما تتجه الدول إلى اعتماد سياسات حمائية لتأمين مواردها الأساسية من الطاقة والغذاء والمعادن النادرة.
ضغوط ديموغرافية وثقافية على القوى العاملة:
تواجه القوى العاملة تحديات كبرى تتمثل في الشيخوخة، انخفاض معدلات الولادة، تغير التوجهات المهنية لدى الشباب، بالإضافة إلى الحاجة المتزايدة لإعادة تأهيل المهارات في ظل تسارع دمج الذكاء الاصطناعي في قطاعات متعددة.
من المخاطر إلى الفرص: دعوة للتحول الاستراتيجي
التقرير شدد على ضرورة تبني قادة الشركات لنهج شامل لإدارة المخاطر الجيوسياسية، وعدم الاكتفاء بردود الفعل المؤقتة. وقدم خمس توصيات رئيسية لمساعدة الشركات على التكيف وتحقيق النمو رغم التعقيدات:
تنويع مصادر رأس المال، لا سيما عبر تعزيز الاستثمارات الخاصة.
بناء قدرات امتثال تنظيمية متطورة لمواكبة التغيرات القانونية.
تحسين مرونة الشركات من خلال حماية الأمن السيبراني وإدارة البيانات.
تقليص الاعتماد على سلاسل الإمداد العالمية الطويلة، والاعتماد على الشركاء الموثوقين إقليمياً.
الاستثمار في الثقافة المؤسسية بما يتماشى مع التحولات الاجتماعية وسوق العمل.
ويخلص التقرير إلى أن فهم المتغيرات الجيوسياسية والتخطيط المسبق للتعامل معها سيُشكّل عاملًا حاسمًا في نجاح الشركات خلال السنوات المقبلة، محذرًا من أن الشركات التي تفشل في دمج هذه التحديات في استراتيجياتها، قد تخسر مكانتها في السوق العالمية.
تعليقات الزوار