عودة إكسون موبيل إلى العراق: ما الذي تعنيه للمشهد النفطي والإقليمي؟
شهدت أسواق الطاقة العالمية تطوراً لافتاً بإعلان توقيع مذكرة تفاهم الأسبوع الماضي بين شركة الطاقة الأمريكية العملاقة إكسون موبيل ووزارة النفط العراقية، في ما يُعد أحد أبرز الصفقات الأخيرة بين الشركات الغربية وبغداد. وتأتي هذه الخطوة بعد سنوات من انسحاب الشركة من العراق، الذي كان حينها أبرز انسحاب غربي من البلاد، خاصة من مشروع المياه البحرية المشتركة (CSSP) وحقل غرب القرنة 1 النفطي العملاق.
أسباب الانسحاب السابق
بحسب محللين، فإن الانسحاب السابق لإكسون موبيل كان مرتبطاً بشكل رئيسي بانهيار الثقة بين الشركة ووزارة النفط العراقية، خصوصاً فيما يتعلق بممارسات العمولات المشكوك فيها التي قد تُصنف كرشاوى وفق المعايير الغربية، إضافة إلى غموض القانون المحلي والمخاطر الأمنية للمشاريع. وقد أدى ذلك لاحقاً إلى انسحاب شركات غربية أخرى من العراق.
وقد كشفت منظمة الشفافية الدولية (Transparency International) عن العراق باعتباره من بين الدول الأعلى فسادًا، بسبب الاختلاس، غسيل الأموال، تهريب النفط، والرشاوى البيروقراطية، ما أثر سلباً على الاستقرار السياسي وقدرة الدولة على تقديم الخدمات.
شروط عودة إكسون موبيل
تؤكد مصادر عراقية وأمريكية أن العودة الجديدة لشركة إكسون موبيل ترافقها ضمانات عالية المستوى من الحكومة العراقية، تشمل ثلاثة عناصر رئيسية:
التماسك (Cohesion): ضمان إنجاز البنى التحتية المرتبطة بالمشاريع وفق الخطة.
الأمن (Security): حماية الأفراد وضمان الالتزام بالممارسات القانونية والتجارية.
الاستمرارية (Streamlining): ضمان تنفيذ أي اتفاق بغض النظر عن أي تغييرات حكومية مستقبلية.
كما خضعت جميع الضمانات لتدقيق شامل من أفضل المستشارين القانونيين والمحاسبين الأمريكيين، لضمان حماية مصالح الشركة وسمعة الولايات المتحدة.
المشاريع الجديدة: حقل مجنون
ستبدأ إكسون موبيل نشاطها الجديد في العراق بتطوير حقل مجنون النفطي العملاق، الذي يُعد واحداً من أكبر الحقول النفطية في العالم، ويقدر احتياطه بـ 38 مليار برميل.
يتميز هذا الحقل بأنه:
جزء من مشروع الغاز الجنوبي الذي تديره توتال إنرجيز، ما يتيح فرص تعاون بين العملاقين الغربيين.
أحد الحقول الأربعة الكبرى في جنوب العراق المستهدفة لتحقيق هدف إنتاج 7 ملايين برميل يومياً على المدى الطويل.
حقل مشترك مع إيران، ما يجعل تواجد إكسون موبيل بمثابة رادع أمام تمرير النفط الإيراني عبر العراق لتجنب العقوبات الدولية.
أهمية العودة
عودة إكسون موبيل ليست مجرد صفقة تجارية، بل إشارة سياسية واقتصادية على رغبة الغرب في إعادة فرض نفوذه على العراق والمنطقة. كما تمثل خطوة مهمة لضمان الشفافية والأمن القانوني في صناعة النفط العراقية، وتعزز من قدرة بغداد على جذب الاستثمارات الأجنبية دون المخاطرة بسمعة الشركات الكبرى.
خلاصة
عودة إكسون موبيل تعكس تحولات استراتيجية في صناعة النفط العراقية بعد سنوات من الانسحاب الغربي، وتفتح الباب أمام مزيد من التعاون بين العراق والشركات العالمية الكبرى، بما يعزز الإنتاج النفطي ويصب في صالح استقرار الأسواق الإقليمية والدولية.
تعليقات الزوار