ما الذي يمكن توقعه من قمة المناخ «COP30»
إعداد: جاكلين بيل – أستاذة القانون في جامعة ملبورن
تستعد مدينة «بيليم» البرازيلية، الواقعة في قلب الأمازون، لاستضافة مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ «COP30»، وسط أجواء من القلق الدولي وعدم اليقين بشأن نتائج هذه القمة المفصلية.
تأتي القمة هذا العام في ظل تحديات غير مسبوقة. ففي الولايات المتحدة، أعادت إدارة الرئيس دونالد ترامب الانسحاب من اتفاق باريس للمناخ، وألغت العديد من مشاريع الطاقة المتجددة، في خطوة أثارت اضطراباً جيوسياسياً كبيراً وأضعفت الجهود الدولية لمواجهة التغير المناخي.
وفي الوقت نفسه، سجّل العام الماضي تجاوز متوسط الاحترار العالمي حاجز 1.5 درجة مئوية للمرة الأولى، فيما تتزايد الكوارث المناخية المدمّرة من حرائق وفيضانات وموجات حر في معظم القارات.
قمة أصغر.. لكنها أكثر رمزية
تواجه القمة انتقادات متكررة بأنها تحوّلت إلى «معرض ضخم» أكثر من كونها منتدى فعّال لصنع السياسات البيئية. ويُتوقع أن تكون قمة بيليم أصغر حجماً من سابقاتها، ليس تخفيفاً مقصوداً، بل بسبب القيود اللوجستية وارتفاع تكاليف الإقامة في المدينة الأمازونية، ما قد يمنع الدول الفقيرة من المشاركة الكاملة.
الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا أراد من خلال استضافة القمة في الأمازون أن يسلّط الضوء على أهمية الغابات الاستوائية بوصفها «رئة الأرض» ومخزوناً هائلاً للكربون.
التمويل المناخي.. «أظهروا المال»
يبقى التمويل المناخي القضية الأبرز في كل قمة من قمم المناخ. فالدول الفقيرة تطالب منذ سنوات بزيادة المساهمات المالية من الدول الغنية التي تتحمّل العبء الأكبر في تدمير البيئة.
في قمة باكو العام الماضي (COP29)، تم الاتفاق على هدف جديد لجمع 300 مليار دولار سنوياً بحلول 2035، على أن تصل الاستثمارات العامة والخاصة إلى نحو 1.3 تريليون دولار في الفترة نفسها. لكن مع انسحاب واشنطن وتردد الاتحاد الأوروبي، تتجه الأنظار إلى الصين لملء فراغ القيادة المناخية.
البرازيل بدورها تعتزم إطلاق مبادرة جديدة باسم «صندوق الغابات الاستوائية للأبد»، لتشجيع الدول على حماية الغابات مقابل تعويضات مالية، يخصص 20٪ منها للمجتمعات الأصلية.
تعهدات 2035: الطموحات أقل من المتوقع
كان من المفترض أن تقدّم الدول التزامات جديدة بخفض الانبعاثات حتى عام 2035، لكن معظمها تأخر أو جاء دون الطموحات. وتشير التقديرات إلى أن نصف الانبعاثات العالمية فقط مشمولة بتعهدات واضحة، مما يعني أن فجوة الانبعاثات لا تزال كبيرة.
ورغم ذلك، تُظهر تقارير الأمم المتحدة أن الانبعاثات بدأت تتراجع ببطء، وإن كان التقدّم أبطأ بكثير من المطلوب لتحقيق أهداف اتفاق باريس.
القضاء يدخل على خط المناخ
مع تراجع بعض الحكومات عن التزاماتها، بدأت المحاكم الدولية تلعب دوراً متزايداً في فرض المساءلة. ففي هذا العام، أصدرت محكمة العدل الدولية رأياً استشارياً حازماً يؤكد أن الدول تتحمّل التزاماً قانونياً بالتصدي لانبعاثات الكربون، وأن الإخفاق في اتخاذ إجراءات مناسبة قد يُعتبر «انتهاكاً للقانون الدولي».
هل تستضيف أستراليا قمة 2026؟
من القضايا المطروحة في بيليم أيضاً مسألة استضافة قمة العام المقبل (COP31). تتنافس أستراليا وتركيا على الاستضافة، وقد تلقى العرض الأسترالي دعماً واسعاً من دول المحيط الهادئ. لكن في حال عدم التوصل إلى توافق، ستعود الاستضافة إلى مدينة بون الألمانية مقر أمانة الأمم المتحدة للمناخ.
خلاصة
رغم كل الانتكاسات، تبقى مؤتمرات المناخ العالمية الإطار الوحيد القادر على تنسيق الجهود الدولية في مواجهة أزمة الاحتباس الحراري. وبعد عشر سنوات من اتفاق باريس، يحتاج العالم اليوم إلى «دفعة جديدة من الإرادة السياسية» لإنقاذ الكوكب من مزيد من الكوارث المناخية.
تعليقات الزوار