En

اقتصاد باكستان مهدد وسط سباق التحول الرقمي

بقلم وحيد بسرلي

يشير خبراء إلى أن قطاع الأصول الرقمية الناشئ في باكستان يواجه مخاطر جدية نتيجة غياب الأطر التنظيمية الواضحة وافتقار المستثمرين لآليات حماية كافية.

وخلال مؤتمر معهد السياسات التنموية المستدامة (SDPI)، كشف متحدثون رئيسيون أن باكستان قادرة على تحقيق حجم تداول محتمل يبلغ 300 مليار دولار في سوق الأصول الرقمية، علماً أن الناتج المحلي الإجمالي للبلاد يبلغ 400 مليار دولار فقط، ما يجعل هذا القطاع فرصة اقتصادية كبيرة للدولة النامية.

لكن رئيس رابطة البنوك الباكستانية (PBA)، ظفر مسعود، أكد أن التأخر في اعتماد إطار قانوني شامل قد يكلّف البلاد 25 مليار دولار من الفرص الاقتصادية. ودعا مسعود، في كلمته، إلى اتباع نهج متدرّج وحذر في تطوير منظومة تنظيمية لمقدّمي الخدمات في هذا القطاع.

وأضاف المسؤول أن التشريعات المقترحة يجب أن تُعطي الأولوية للأمن السيبراني وحماية المستهلك، مع وضع متطلبات ترخيص واضحة. وإلى جانب الدفع نحو تنظيم صارم، أوصى مسعود بإطلاق عملة رقمية للبنك المركزي (CBDC) لخفض تكاليف التحويلات عبر الحدود.

ورغم أنه لم يحدّد ما إذا كانت العملة الرقمية ستكون للاستخدام العام أو للقطاع المالي فقط، إلا أنه دعا إلى دراسة إصدار "عملة مستقرة مربوطة بالروبية"، مستشهداً بالنمو السريع لصناعة العملات المستقرة عالمياً، وباللوائح التنظيمية الجديدة في الولايات المتحدة.

من جانبها، أشارت الخبيرة المالية المقيمة في سنغافورة، يارا وو، إلى تفضيلها للعملات الرقمية الصادرة عن البنوك المركزية، موضحة أن تزويدها بقدرات تحويل عبر الحدود سيُقلل بشكل كبير من التكاليف المرتفعة للتحويلات المالية. ولفتت كل من وو ومسعود إلى أن العملات الرقمية للبنوك المركزية، رغم فوائدها في تعزيز الشمول المالي، قد تواجه أيضاً تحديات تنظيمية ومخاطر سيبرانية.

وكشف فيصل مزهر، نائب مدير المدفوعات في البنك المركزي الباكستاني، أن البنك يعمل مع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي لإطلاق نموذج أولي لعملة رقمية وطنية. وأكد أن تجارب تشغيلية تجريبية ستنطلق قريباً قبل التطبيق الكامل، في إطار مساعي الدولة لتطوير بيئة المدفوعات.

طفرة في التحول الرقمي

شهدت باكستان منذ بداية العام تقدماً ملحوظاً في مسار التحول الرقمي. وأظهر تقرير للبنك المركزي أن المدفوعات الرقمية ارتفعت خلال الأشهر الـ12 الماضية لتشكل 88% من إجمالي المعاملات التجارية في البلاد.

ومع ارتفاع حجم المعاملات، توسعت خدمات المحافظ الرقمية لتصل إلى المناطق النائية، مدفوعة بمبادرات حكومية جديدة. وفي منتصف 2025، أعلنت البلاد عن تأسيس هيئة تنظيمية جديدة للإشراف على الأصول الرقمية، وفتحت الباب أمام مشغّلي منصات التداول العالمية للحصول على تراخيص رسمية.

وفي خطوة تهدف إلى إنهاء التعاملات النقدية، أبدت الحكومة عزمها على تسريع الانتقال إلى اقتصاد غير نقدي.

رئيس الوزراء: العالم يتجه نحو الاقتصاد الرقمي وباكستان يجب أن تواكبه

جدّد رئيس الوزراء شهباز شريف التزام حكومته بتسريع التحول نحو المدفوعات الرقمية خلال اجتماع رفيع المستوى ضمّ الجهات الرقابية والقطاع المالي. واعتبر شريف أن التحول إلى نظام غير نقدي يساهم في تحسين الحوكمة ودعم التنمية المستدامة.

ووجّه رئيس الوزراء بإطلاق حملات توعية في المناطق الريفية لتعريف السكان بفوائد التعاملات الرقمية، مؤكداً أن هذه الخطوة ستعزز الشمول المالي ومرونة الاقتصاد.

وقال شريف: "العالم كله يتجه نحو الاقتصاد الرقمي، ويجب على باكستان أن تتقدم معه."

وكشف عن أن مبادرات التحول المالي بدأت تحقق نتائج إيجابية، حيث أظهرت بيانات جديدة أن رموز RAAST QR سهّلت تسديد فواتير المرافق بمليارات الروبيات. كما أسهم برنامج دعم الدخل “بينظير” (BISP) في رفع حجم المدفوعات الرقمية.

وفي السياق ذاته، منحت الحكومة تراخيص تشغيل للبنوك الرقمية، والمتوقع أن تُوفر خدمات مالية لأكثر من 70% من السكان.

وقدم ممثلون من وزارات المالية والاتصالات والبنك المركزي وهيئة الهوية الوطنية (NADRA) ومصلحة الضرائب (FBR) إحاطات حول دمج تطبيقات الخدمات الحكومية مع رموز RAAST. وأعرب شريف عن ارتياحه للتقدم المحرز، داعياً جميع المؤسسات إلى الالتزام بالجداول الزمنية لتحقيق أهداف التحول الرقمي في ظل المنافسة الإقليمية المتسارعة.

تعليقات الزوار